صليل المعارك في كسروان جبيل.. مال انتخابي وضرب تحت الحزام
المعركة الانتخابية في دائرة جبل لبنان الآولى كسروان جبيل ترتفع حرارتها مع تقلص الفترة الزمنية الفاصلة عن الاستحقاق المحدد في 15 أيار المقبل. “عرين الموارنة” يعجّ بالطامحين إلى الجلوس في بعبدا وعلى الاستحواذ على “القرار المسيحي” الماروني تحديدًا.
وفي ظل قانون معقّد تأخذ المعركة أبعادًا رقميّة على انتزاع الحاصل، في وقت يتساوى معظم رؤساء اللوائح بالأرقام، وكل رئيس لائحة يملك شعبية وازنة يبقى تحدي الحاصل أساسيًّا على حلبة المنافسة. وللحصول على الحاصل تحصل كافة صنوف الرشاوى الانتخابية وتوزيع المال نقداً ووعداً، على دفعات قبل يوم الاستحقاق وبعده. الكل تخطى سقوف الإنفاق الانتخابي تحت حجة معاناة الناس دون حسيب ولا رقيب يوقف عمليات شراء الذمم.
سيوف المعركة شُحذت وصليلها يرنّ على أعتاب الاستحقاق الرئاسي. وبدأت معركة رمي الشائعات والنيل من الخصم والضرب تحت الحزام بين 5 لوائح أساسية. والأدهى أنه في ظل قانون الانتخاب الغريب العجيب “يتناتش” المرشحون “لحم” بعضهم البعض.
المال الانتخابي والتوظيفات وشراء الذمم قائم على قدم وساق في دائرة جبل لبنان الأولى، والاتهامات تطال الجميع في اللوائح السبعة المتنافسة على ثمانية مقاعد. وقد أظهرت دراسة “الدولية للمعلومات” أن هذه الدائرة تحتل المرتبة الثانية بين الدوائر في لبنان لناحية شراء الأصوات الانتخابية وقد بلغ سعر الصوت حتى الآن بالفريش دولار بين 100 و300 وبالليرة اللبنانية بين 5 مليون و10 ملايين. وهذه الأرقام مرشّحة للتصاعد في الأيام الأخيرة الفاصلة عن عملية الاقتراع.
الروايات التي تُقال في السر والعلن بحسب ما يروي عدد من المفاتيح الانتخابية ومطّلعون على الجو الانتخابي، تؤشر إلى جدّية التنافس بين اللوائح المتنافسة. ومن الروايات:
مرشحون على لائحة “قلب لبنان المستقل” في دائرة كسروان جبيل عرضوا دفع مبلغ مالي يبدأ بمليون ليرة لكل صاحب سيارة يشارك مع سيارته في “الحشد” الذي سيتوجه يوم السبت الى فندق ريجنسي بالاس ادما مع اشتراط رفع صور أحد المرشحين على السيارة وإطلاق الأبواق!.
يصوّب خصوم اللائحة على هويتها السياسية المتشابكة، التي تضم العميد شامل روكز الذي كان مستهدفًا من رئيس اللائحة فريد الخازن، شخصيًا، في انتخابات 2018 على اعتباره “الغريب” عن أرض كسروان الذي جرى استقدامه لينافس أبناءها. فيما ينثر عضوا اللائحة إميل نوفل وأحمد هاني المقداد المال الانتخابي في جبيل من كراتين إعاشة وبونات بنزين وعلب الدخان والمعسّل (باعتبار المقداد تاجر دخان). ويبرر كل من المرشحين إنفاقهما الانتخابي على أنه “خدمات” للناس المحتاجة ومساعدة في زمن الانهيار. فيما يُعاير المنافسون الخازن بحمله لواء محاربة العهد وحمل لواء بكركي في مشروعي الحياد وحصر السلاح بيد الدولة، في وقت المرشح الشيعي على لائحته يردّد تكرارًا التزامه خط الثنائي “حركة أمل” و”حزب الله”.
النائب فريد هيكل الذي يبحث عن حاصل، يروّج أن الرئيس نبيه برّي قد يُجيّر له نحو 2000 صوت شيعي في جبيل، الأمر الذي يُنكره ممثلو حركة أمل في جبيل، حيث تعمل ماكينة الحركة بشكل جدّي وكامل لصالح مرشّح الثنائي في جبيل وكسروان رائد برّو.
هذا الأمر لا مجال للمزاح فيه وقد أبلغت حركة أمل المعنيين داخل ماكيناتها الإنتخابية المناطقية أنّها ملتزمة بالكامل باللوائح التي تدعمها، و”لن يكون هناك مراعاة لأيّ طرف خارج هذه اللوائح”. وتشير مصادر مطّلعة لـ”أحوال” إلى أنّ حركة أمل ليس لديها نيّة الإخلال بما تمّ الاتفاق عليه بين الثنائي والتيّار في كسروان – جبيل، كما لا ترغب بضرب العلاقة بشكل كامل مع التيار الوطني الحرّ لأسباب مرتبطة بالإستحقاقات الدستورية المقبلة وانتخابات رئيس المجلس النيابي.
“الحرب على الخازن، من الكتائب والقوات ونعمة افرام عديله و”حبيب قلبه، دفعته إلى تكثيف حركته الانتخابية والنزول إلى ساحة النزال مفتتحًا مكاتب انتخابية من كسروان إلى جبيل لشحذ الهمم. ويدور حديث عن تولّيه التفاوض المباشر مع الناخبين موزعًا المازوت والزفت وواعدًا بأشغال ووظائف في كسّاراته ومعامل المقرّبين منه.
العديل نعمت افرام بدوره، يُمارس كافة أنواع التجييش لضمان مقعده، دون باقي أعضاء لائحته الأمر الذي يُثير حنق حليفه الكتائبي سليم الصايغ، من دفع فواتير مدارس ومستشفيات إلى أموال مباشرة وتهديد وترغيب العاملين في مصانعه وشركاته. وفيما ينشط نعمة في كسروان يأخذ عليه مرشحي لائحته في جبيل أنه لا يقوم بالنشاط اللازم لحشد الأصوات، تفاديًا لإحراج صهره المرشح على لائحة التيّار الوطني الحرّ وليد الخوري.
أما “نجمة” مرشحي التيّار في كسروان ندى البستاني فيتهمها خصومها بتوزيع المازوت الانتخابي وقسائم لشراء البنزين. ويُحاربها خصومها بأنها وزيرة العتمة فيما تشنّ حملة على النائب شامل روكز باتهامه بـ”قلّة الوفاء” فيرد عليها هو بإشاعة العتمة!.
حرب أهل البيوت الكسروانية، تدور أيضًا بين ندى البستاني وإبنة عمها كارن البستاني، المرشحة على لائحة القوات، والبستانيّتان تتبادلان الاتهامات بتقديم الرشاوى وشراء الأصوات واستغلال معاناة الناس، وتقديم وعود بالتوظيف. وزميل كارن على اللائحة شوقي الدكاش لا يوفر المال الانتخابي القواتي المرصود على أبناء كسروان لحصد أكبر عدد من الأصوات يتقدّم بها على زميله في اللائحة شادي فيّاض، الذي بدأ بخطف اهتمام القوّاتيين في كسروان!.
يقول كسروانيون إن الاحصاءات التي خرجت بخلاصات حدّدت فيها هوية شاغلي المقاعد النيابية الثمانية واستنتجت أحجام واوزان القوى والشخصيات السياسية، لا يمكن أن تبقى على حالها، استنادًا الى التجارب الكسروانية السابقة، ولا يمكن قياس التوجهات في هذا القضاء إلاّ قبل أيام أو ساعات قليلة من فتح صناديق الاقتراع.
ما يجري اليوم في دائرة جبيل كسروان من حملات بين التيار والقوات، وبينهما وبين اللوائح المنافسة سواء لائحة فريد الخازن أو نعمة افرام أو منصور البون أو بين أفراد اللائحة الواحدة، بلغت ذروتها في الأيام الماضية، ووفق المتابعين والمطلعين فإنها ستشتد مع اقتراب الانتخابات النيابية ومزيد من الضرب تحت الحزام.